هل قاد أحمد التوفيق انقلابًا على الزاوية البودشيشية من دون علم الملك ؟

علمت الصباح من مصادر متطابقة أن الزاوية القادرية البودشيشية تعيش في الآونة الأخيرة على وقع توترات متزايدة، نتيجة ما وصفته الأوساط المقربة بمحاولات لإعادة ترتيب بيتها الداخلي بطرق غير مألوفة. وتشير المعلومات التي حصلت عليها الجريدة إلى أن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، يقود تحركات تستهدف إبعاد الدكتور منير القادري بودشيش عن قيادة الزاوية، في خطوة اعتبرها متتبعون تجاوزًا للصلاحيات والتفافًا على مؤسسة روحية تدخل ضمن الاختصاص الحصري لأمير المؤمنين.
وأكدت المصادر أن الوزير لجأ إلى إقناع جهات ومسؤولين بأن ما يقوم به يندرج في إطار “رغبة ملكية” تستوجب تغيير القيادة، رغم أن هذه المعطيات – بحسب نفس المصادر – لا أساس لها من الصحة، وأن الأمر لا يعدو أن يكون اختيارًا شخصيًا من التوفيق. ووفق نفس المعطيات، فقد حاول الوزير تبرير خطواته بالحديث عن “مصلحة الدولة”، في حين أن جلالة الملك لم يصدر أي توجيهات أو موافقة في هذا الشأن.
مصادر صوفية مقربة شددت على أن هذه التحركات تتم “بغير علم السدة العالية بالله”، مشيرة إلى أن الملك، لو اطلع على تفاصيلها، سيغضب من توظيف إسمه ومؤسسة إمارة المؤمنين في صراع شخصي. وأضافت أن محاولة الزج بمؤسسات الدولة في هذا الملف، دون موافقة جلالته، تشكل سابقة خطيرة في علاقة الزوايا بالمؤسسات الرسمية.
وحسب ما استقته الصباح، فإن الأزمة الحالية تأججت بعد تحركات شقيق الشيخ الجديد، معاذ القادري بودشيش، الذي لعب دورًا في تغذية الخلاف وقدم نفسه كخليفة محتمل كما قام بتقديم كل الأسلحة و خيانة الأسرة من أجل الإطاحة بأخيه. وتفيد الروايات المتداولة أن هذه التحركات لا تمت بصلة لمصالح الدولة أو توجيهاتها العليا، وإنما هي حسابات شخصية لوزير أوقاف مريد للطريقة البودشيشية، يرغب – بعد إحالته المرتقبة على التقاعد – في بسط نفوذه مجددًا على الزاوية.
وتضيف شهادات أخرى أن أصل الخلاف يعود إلى النجاح الذي حققه الدكتور منير القادري في إعطاء إشعاع عالمي للتصوف المغربي عبر الملتقى العالمي للتصوف ومبادرات فكرية وثقافية، وهو ما لم ينجح التوفيق في تحقيقه خلال سنوات طويلة من تدبيره للشأن الديني.
كما يبرز في خلفية هذا الصراع تشبث مريدي الزاوية بالعرش العلوي المجيد، حيث يحرصون في جميع لقاءاتهم وأورادهم على تخصيص ذكر ودعاء خاص لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وقد كانوا في مقدمة من نظموا مسيرة “نعم للدستور” دعمًا للإصلاحات التي يقودها جلالته. غير أن أصواتًا من داخل الزاوية تحذر من أن ممارسات الوزير قد تؤدي إلى اهتزاز هذه الروابط، ودفع عدد من المريدين، خاصة الأجانب الذين يكنّون محبة كبيرة للملك، إلى مغادرة الطريقة، ما قد ينعكس سلبًا على صورة التصوف المغربي عالميًا.